العاب جماعيةكأس العالمكرة قدمىرئيسية

كأس العالم 1962.. مونديال المأساوى… انطلق بخناقة ومعركة حامية .. ومعاق اقتنص اللقب للبرازيل

مع بداية شهر نوفمبر، بدأ العد التنازلي لانطلاق بطولة كأس العالم 2022 بدولة قطر الذي يترقبه عشاق الساحرة المستديرة، خاصة وأنها النسخة الأولى التي ستقام في بلد عربي.

ودائما ما يستحوذ المونديال على الاهتمام الجماهيري والإعلامي، باعتباره البطولة الأكبر في كرة القدم على مستوى العالم، ويجمع منتخبات من قارات مختلفة وسط أجواء رائعة.

وقبل أيام من بداية المونديال، يستعيد موقع تتويج نيوز مع قرائه في السطور التالية، ذكريات البطولة السابعة من المونديال وهي نسخة كأس العالم 1962 التي أقيمت في تشيلي من 30 مايو إلى 17 يونيو.

وبدأت حكاية مونديال 1962 بمعركة حامية انتهت بإجبار الاتحاد الدولي لكرة القدم على اختيار دولة لاتينية، بسبب إقامة البطولتين السابقتين أعوام 1954 و1958 في دول أوروبية، خوفاً من مقاطعة منتخبات أمريكا الجنوبية مثلما حدث في كأس العالم 1938.

فاستطاعت تشيلي التغلب على الأرجنتين و الفوز باستضافة البطولة، بعدما كانت الأرجنتين مرشحة وبقوة لاستضافة. و يعود السبب في فوز تشيلي بشرف استضافة منافسات كأس العالم إلى رئيس الاتحاد لكرة القدم كارلوس ديتبورن، الذي ألقى خطاباً في حفل تقديم ملف بلاده استطاع من خلاله اجبار الاتحاد الدولي لكرة القدم لى اختيار تشيلي، عندما ختم خطابه قائلاً «ليس لدينا شيء ولذلك يجب أن يكون لدينا كأس العالم».

وقبل البطولة بسنتين وتحديداً في عام 1960، ضرب تشيلي زلزال قوي عُرفَ باسم زلزال فالديفيا 1960 (هو أقوى زلزال على إطلاق سجل على سطح الأرض، وصنف 9,5 على مقياس درجة العزم)، مما أدى إلى تدمير كبير في البنية التحتية، ولعبت البطولة في 4 ملاعب بدلاً من 10، بسبب الدمار واسع الانتشار الذي أحدثه الزلزال هذا الأمر الذي دفع بالصحافة الإيطالية لمهاجمة تشيلي و التشكيك بقدرتها على استضافة هذه البطولة بسبب فقرها وجهلها وجشع تجارها وتخلف شعبها وتسبب تلك الكلمات بإثارة التوتر بين الفريقين، الأمر الذي أدى لنشوب حرب بدنية بين الجانبين عرفت باسم معركة سانتياجو التي سنحكي تفاصيلها خلال السطور التالية.

وطالبت الصحافة العالمية بسحب البطولة، لكن الفيفا رفضت ذلك كي تساعد تشيلي على الحصول على المساعدات الاقتصادية لكي تنهض الدولة مرةً أخرى.

هاجمت الصحف الإيطالية الاتحاد الدولي لكرة القدم، ووصفت تشيلي بالدولة الضعيفة لأنها قررت أن تنظم المونديال في أربعة ملاعب فقط وأقيمت البطولة بنفس نظام كأس العالم 1958، 57 دولة شاركت في التصفيات المؤهلة، تأهلتا تشيلي بصفتها الدولة المنظمة، والبرازيل بطلة العالم، وحصلت أوروبا على 8 مقاعد، واشتركت ثلاث منتخباتٍ من أمريكا الجنوبية، ودولةً واحدةً من الكونكاكاف، فيما تنافست دولاً أوروبية مع أفريقيا وآسيا على مقعدين.

ظهرت اعتراضات كبرى على نظام التصفيات في أفريقيا وآسيا، وهذا غير نظام التأهل بعد البطولة بسبب تهديد القارتين بالانسحاب من التصفيات فيما بعد.

تأهل فريقان للمرة الأولى وهما كولومبيا وبلغاريا، وكانت هذه المشاركة الكولومبية الأخيرة في كأس العالم حتى عام 1990، وفشلت السويد وفرنسا في التأهل في مفاجأةٍ صارخة خاصة في ظل أدائهما الرائع في 1958.

كان نظام البطولة مشابهاً لـ1958، تأهل 16 منتخباً وتم تقسيمهم على 4 مجموعات، ويحصل المنتصر على نقطتين والمتعادل على نقطة، وتم اللجوء لفارق الأهداف في حالة تساوي المنتخبات في عدد النقاط، ولم يتم اللجوء لمباراةٍ فاصلة لتحديد بطل المجموعة كما كان يحدث سابقاً.

-منافسات مشتعلة بالمجموعات

أقيمت البطولة على أربعة ملاعب، وأدارها 18 حكماً وسط أجواءٍ تنافسيةٍ هائلة وحضور جماهيري كبير، وبدأت في 30 مايو 1962.

قاد الأسطورة ليف ياشين الاتحاد السوفيتي لتصدر المجموعة الأولى، وحلت يوغوسلافيا ثانيةً، وبدأت شمس أوروجواي بطلة العالم مرتين في الأفول، وخرجت معها كولومبيا من الدور الاول.

كانت المجموعة الثانية على موعدٍ مع التاريخ، حيث شهدت معركة سانتياجو الأعنف في تاريخ كؤوس العالم .

بدأت ألمانيا المجموعة بتعادل مع إيطاليا التي كانت تحاول استعادة بريقها بعد عدم المشاركة في مونديال 1958، وعلى الجانب الآخر تفوقت تشيلي على سويسرا.

-معركة سانتياجو

أطلق لقب معركة سانتياجو على مباراة الجولة الثانية في المجموعة الثانية بين إيطاليا وتشيلي،  والتي كانت في 2 يونيو 1962 في العاصمة التشيلية سانتياجو.

أدار اللقاء الحكم الإنجليزي كين ​​أستون، الذي يعود الفضل له في ابتكار البطاقات الصفراء والحمراء في وقتٍ لاحق، وكانت المعركة قد بدأت قبل البطولة، حيث شن الصحفيان الإيطاليان أنطونيو تشيريلى وكورادو بيزينيلى هجوماً لاذعاً على تشيلي، وذلك بسبب عدم إقامة البطولة في أجواءٍ صحية بسبب الفقر والتخلف، فترجمت الصحف التشيلية لمقالات وأثارت حفيظة الجماهير ولاعبي المنتخب.

تم طرد الإيطالى جورجيو فيريني بعد ارتكابه خطأ على هورينو أندا لاعب منتخب تشيلي، لكنه رفض الخروج، فتم إخراجه بالقوة من قبل رجال الشرطة المتواجدون في الملعب، وكان لاعب منتخب تشيلي ليونيل سانشيز قد رد على تلك العرقلة بلكم اللاعب الإيطالي ماريو ديفيد، لكن الحكم تغاضى عن طرده مما دفع ماريو دافيد لركل ليونيل سانشيز على رأسه، في الدقيقة 29 وتم طرده.

لعب المنتخب الإيطالي بتسعة لاعبين مما تسبب في فوضى عارمةٍ وضرب ولكمات طوال المباراة التي انتهت بتفوق تشيلي بهدفين نظيفين، وتم وصفها بالمباراة الأغبى في تاريخ كرة القدم.

تأهل منتخب ألمانيا الغربية كمتصدر وتشيلي كوصيف في النهاية، وعلى الجانب الآخر، كانت المجموعة الثالثة مثيرةً للغاية، فالبرازيل هيمنت على المجموعة وتصدرت وجاء بعدها منتخب تشيكوسلوفاكيا، والغريب أن إسبانيا واصلت فشلها في كؤوس العالم، على الرغم من امتلاكها منتخباً جيداً، وأسماءً مميزة مثل دي ستيفانو وبوشكاش ولويس سواريز، لكنهم كانوا في آخر مسيرتهم الكروية، فلم يستطيعوا مجاراة نسق البرازيل الرائعة ولا تشيكوسلوفاكيا القوية بدنيا.

هيمنت المجر على المجموعة الرابعة وتلتها إنجلترا التي كانت لاتزال تحاول أن تصنع تاريخاً في المونديال، حيث لم تستطع حتى ذلك الوقت مجاراة نسق البطولة، كما اكتشف الإنجليز أنهم ليسوا أسياد اللعبة كما كانوا يظنون.

-مأسويات البطولة

من مأساويات بطولة كأس العالم 1962 أن بيليه تعرض لإصابةٍ قوية في مباراة تشيكوسلوفاكيا وغاب عن بقية البطولة، لكن تألق جرينشيا وأماريلدو وقادا البرازيل لتحقيق المفاجأة فيما بعد.

توقع الجميع انهيار البرازيل بعد إصابة النجم الأول بيليه، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً، حيث تغلبت السامبا على إنجلترا بنتيجة (3-1) ، ولم يستطع بوبي مور ولا بوبي شارلتون ولا بوبي روبس ولا جيمي جريفيس مجاراة تألق جرينشيا الرهيب، والذي سجل هدفين وقتها فتأهلت بلاده لنصف نهائي المسابقة.

حققت يوغوسلافيا المفاجأة وانتصرت بهدفٍ نظيف، و فاجأت تشيكوسلوفاكيا المجر بهدفٍ نظيفٍ أيضاً، أما أكبر المفاجآت كانت فوز تشيلي الدولة المستضيفة على الاتحاد السوفيتي بطل أوروبا بنتيجة (2-1).

توقعت الصحف أن تشهد البطولة مفاجأةً جديدة، لكن البرازيل اكتسحت تشيلي على أرضها (4-2) ، وذلك بفضل تألق جرينشيا وفافا اللذين قادا السامبا لنهائي المونديال، وفي المقابل تشيكوسلوفاكيا هزمت يوغسلافيا بسهولة (3-1).

حققت تشيلي المركز الثالث بالفوز على يوغوسلافيا بهدفٍ نظيف، وفرحت الجماهير كثيراً بتألق منتخب بلادها، بينما كان العالم على موعد يوم 17 يونيو مع المباراة النهائية بين البرازيل وتشيكوسلوفاكيا.

الغريب أنه على الرغم من تأهل تشيكوسلوفاكيا للنهائي، لم يتم تخليد هذا الجيل بالصورة الكافية، ولا المدرب المميز رودولف فيتلاسيل، لكن مسيرتهم كانت ستتغير للأبد في حالة تحقيقهم للقب.

أقيمت المباراة على ملعب خوليو مارتينيز برادانوس الوطني بالعاصمة سانتياجو وسط حضور 68,679 متفرج، تقدم منتخب تشيكسلوفاكيا في البداية في الدقيقة 15 عن طريق يوسييف، وذلك قبل أن يتعادل اللاعب أماريلدو  للبرازيل في الدقيقة 17، ثم يسجل زيتو وفافا هدفين في الشوط الثاني أنهيا المباراة بنتيجة (3-1)، توجت منتخب السامبا باللقب الثاني على التوالي.

كانت الصحافة البرازيلية سعيدةً خاصةً أنها لم تتوقع أن ينجح الفريق في الفوز بالبطولة بعد إصابة بيليه، وكانت البرازيل وقتها بقيادة المدرب إيموري موريرا الذي خلف المدرب العظيم فيولا، الذي قاد البرازيل لمونديال 1958.

حقق جرينشيا جائزة أفضل لاعب في المونديال، وكان لاعباً عظيماً لكنه للأسف لم ينل التقدير الكافي لأنه ظلم نفسه كثيراً.

-إعاقة جرينشيا منحته تاريخ أسطوري

ولد جرينشيا بإعاقةٍ تعيق الشخص العادي عن المشي، وهذه الإعاقة جعلته يصبح أفضل جناح أيمن في تاريخ كرة القدم، حيث كان لديه اعوجاج في الركبتين نحو الخارج، واعوجاج في العمود الفقري، وحتى الحوض كان مائلا بوضوح نحو اليسار.

ولد جرينشيا فقيراً لـ22 شقيقاً وشقيقة، وكان أهله يحلمون فقط بأن يتمكن ابنهم من الوقوف على قدميه، وكان يعشق كرة القدم، وفي أحد أيام عام 1953 وهو في السادسة عشرة من عمره، كان حاضراً مع صديق يلعب في فريق بوتافوجو، وكان الفريق به نقصٌ في اللاعبين، فقام المدرب باستدعاء جرينشيا للعب، وسط تهكم الجميع وقتها على جرينشيا.

فجأة أبهر جرينشيا الجميع بمراوغاته الغير طبيعية، وعلى الفور وقع معه فريق بوتافوجو، ولم يستطع أحد إيقافه، وكانت له حركة شهيرة، وهي أنه كان يراوغ على مرتين، الأولى دون كرة يقوم فيها بتمويه جسدي وقدمه اليمنى التي يموه بها، ثم يقفز على اليسرى كي يعطي الانطباع أنه يريد الانطلاق وعند لحظة ما يفلت بسرعته .

انضم للمنتخب وبات شهيراً وحقق مونديال 1958 و،1962 بل إن مونديال 1962 سمي بإسمه، وبعد كأس العالم بتشيلي ضربته لعنة الإصابات واتجه للملذات، وبدأ يكثر من التعرف على الفتيات وأدمن الكحول وانفصل عن زوجته وأولاده، وتعرف على المغنية إلزا سواريز ومن فرط علاقاته النسائية أنجب 13 طفلاً.

 

 

اقرأ ايضا..

حكايات من المونديال .. ظهور الجوهرة السمراء “بيليه” وديدي يقود البرازيل للقب الأول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى