العاب جماعيةكرة قدمىرئيسية

هانز فليك.. العبقري الألماني الذي أعاد برشلونة إلى طريق البطولات

أعلن برشلونة في صيف 2024 عن تعيين هانزي فليك على رأس الجهاز الفني للفريق خلفا لتشافي هيرنانديز، وحينها استقبلت جماهير “بلوجرانا” القرار بمزيج من المخاوف والآمال، فمدرب ألمانيا المُقال حديثا وقتها، بدا خيارا غير مضمون، خاصة بعد إخفاقات دولية لم تليق بتاريخه.

لكن مع اقتراب موسم 2024-2025 من نهايته، بدا أن فليك لم يكتفِ بإزالة تلك الشكوك، بل فجر ثورة كروية جديدة جعلت برشلونة يتصدر الليجا ويبهر أوروبا.

برشلونة في الموسم الحالي ليس هو برشلونة الذي عرفناه قبل عامين، فبعد سنوات من التخبط الفني والتكتيكي، جاء “فليك” ليعيد للنادي هويته المفقودة، ويدفعه بواقعية ألمانية وعقلية لا تعرف الرحمة.

عبقرية تكتيكية أم استفادة من أسس جاهزة؟

فليك جاء إلى كتالونيا وهو يحمل إرثا تاريخيا بثلاثية مع بايرن ميونخ في 2020، لكنه أيضا كان يحمل فشلا دوليا مع “مانشافت”، السؤال كان واضحا: هل يتلاءم أسلوبه المعتمد على الضغط العالي واللعب العمودي مع أسلوب لعب برشلونة المتعارف عليه منذ فترة كرويف والذي صقله تشافي؟

فلسفة تشافي:

شهد عهد تشافي اعتماده بشكل أساسي على أسلوب “تيكي تاكا” والمهتم بالاستحواذ والتمريرات القصيرة مع محاولة السيطرة على مجريات اللعب، رغم تحقيق بعض الإنجازات المحلية، كان الفريق يعاني من ضعف في الانتقال السريع من الدفاع للهجوم، مما جعله معرضا للصعوبات الكبيرة عندما يتعرض الفريق للضغط العالي.

أهم الإحصائيات في فترة تشافي:

– نسبة انتصارات: حوالي 63%
– معدل التمريرات الصحيحة: 88%
– معدل الاستحواذ بالمباراة: مرتفع لكنه غير فعال عند المواجهات التي يواجه ضغط دفاعي عالي.

ونجح في قيادة الفريق للفوز بالدوري موسم 2022-2023، محققًا 18 مباراة دون هزيمة، كما منح الثقة لجواهر لاماسيا مثل “جافي، بيدري، ويامال”.

نهج فليك الجديد:

جاء هانز فليك ليعيد رسم ملامح الفريق بالمدرسة التي تدمج بين الاستحواذ والتنظيم الدفاعي، إذ اعتمد على معادلة تكتيكية جديدة تضع أهمية للتحولات السريعة واللعب المباشر عند الفرص الحاسمة.

التغييرات الرئيسية:

• تنظيم دفاعي محكم: إعادة هيكلة خطوط الدفاع بحيث يحافظ الفريق على توازن بين الضغط العالي والانضباط الدفاعي، مما ساهم في تقليل عدد الأخطاء بالخط الخلفي.

• الهجمات المرتدة السريعة: استغلال المساحات في وسط الملعب من خلال تحويل سريع للكرة، مما مكن الفريق من خلق فرص هجومية سريعة أمام المنافسين.

• تعدد المهام في الخط الأوسط: أعاد توزيع الأدوار على لاعبيه، حيث تُولي مهام ربع دفاعي للاعبين مثل دي يونج، مما زاد من قدرتهم على المشاركة في اللعب الهجومي دون ترك فجوات دفاعية.

والنتيجة:

– سجل الفريق 77 هدفا في أول 28 جولة بالليجا، مقارنة بـ54 هدفا فقط في نفس الفترة تحت قيادة تشافي بالموسم السابق، أي بزيادة قدرها 23 هدفا، بمعدل تحسن يبلغ 0.82 هدف لكل مباراة.
– سحق بايرن ميونخ بنتيجة 4-1، وأهان ريال مدريد برباعية نظيفة على ملعب سانتياجو برنابيو.
– معدل استحواذ معدل حوالي 58% مع معدل تمريرات صحيحة ارتفع إلى 90%.

هذه الأرقام تظهر التحول الواضح في الأداء العام للفريق مقارنة بموسم تشافي، خاصة في كفاءة التحول بين الدفاع والهجوم.

قراءات تكتيكية: كيف يضع فليك خططه؟

المرونة في التشكيل:

يعتمد فليك على تشكيلات متغيرة غالبًا ما تبدأ بـ4-3-3، وتتحول في بعض المناسبات إلى 3-5-2 عندما يتطلب الأمر تعزيز منتصف الملعب لمواجهة هجمات الخصم القوية. هذه المرونة التكتيكية تساعد برشلونة على تكثيف الضغوط عند الحاجة والانسحاب الدفاعي بشكل منهجي عند المواجهات الكبيرة.

دور اللاعبين المفصليين:

أعاد فليك تفعيل دور اللاعبين المفصليين مثل لامين يامال، رافينها، بيدري وفيران توريس، معتمدا على تحركاتهم الذكية خارج المناطق التقليدية للهجوم، مما خلق فوضى في دفاع الخصوم. كما استطاع استغلال مرونة لاعبيه في الانتقال بين المراكز، وهو ما كان مهماً لإبقاء الفرق المنافسة في حالة تخمين مستمر.

الاعتماد على التحولات السريعة:

أبرز ما يميز أسلوب فليك هو سرعة التحول من الدفاع إلى الهجوم. فقد تم تدريب الفريق على تحمل مسؤوليات فردية مع الالتزام بتغطية الفراغات دفاعياً، مما مكنهم من استغلال الفرص المفاجئة التي تُخلق عند فقدان الخصم لتوازنه.

وهو ما ساعد الفريق في:

– التتويج بكأس السوبر الإسبانية بفوز عريض على ريال مدريد 5-2.
– الفوز بكأس ملك إسبانيا على حساب ريال مدريد في كلاسيكو ناري (3-2).
– ينافس بقوة على لقب الليجا (متفوق بفارق 4 نقاط عن ريال مدريد قبل نهاية الموسم بخمسة جولات)
– بلوغ نصف نهائي دوري أبطال أوروبا (أقصى بوروسيا دورتموند في ربع النهائي) بعد الغياب لسنوات عديدة.

فليك لم يعيد اختراع العجلة، لكنه صقلها ببراعة، واتاح فرصة الانفجار للمواهب التي قدمها تشافي للفريق.

وينتظر كل عشاق الفريق النهاية السعيدة لموسم قد يكون تاريخي حال تحقيق الثلاثية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى