وداعاً ايها الثعلب الوفي.. رسالة حب تجبر العيون علي الدموع في وداعية تليق بنهاية رحلة العاشق “جيمي فاردي”

دائما ما تأثر القصص الرومانسية وحبكاتها الدرامية القلوب.. وكرة القدم ساحرة بكل ما تحمله الكلمة من معني، حياة قائمة بذاتها مليئة بالحواديت والسيناريوهات وهذا ما جعلها اللعبة الأشهر والأقرب للقلوب في العالم أجمع.
ودائما ما يستغرب من لم يعشق الساحرة المستديرة عن حب الناس لهذه اللعبة بكل هذا الشغف فهي في منظورهم مجرد لعبة يتنافس فيها بعض الفرق بإحدي عشر لاعب مقابل مثلهم فمن أين أتي ذلك الحب.
الاجابة مهما شرح لن يشعر بها الا من فهم وشعر بعذوبة ما وراء كواليس ذلك التنافس والمشاعر التي تضخها في قلب من يهواها بكل ما فيها من صراع وشجن في ذات الوقت.
وفي واحدة من هذه القصص الرومانسية هي رواية الانجليزي ذو الوجه المحبب للقلب جيمي فاردي الذي كتب فصله الاخير أمس كلاعب علي العشب الأخضر رفقة فريقه ليستر سيتي ليخطو السطر الاخير لحدوتة استمرت ما يقرب 13 عام.
جيمي فاردي ليس مجرد لاعب كرة قدم، بل هو تجسيد حي لقصة كفاح حقيقية، تعلّم منها الجميع أن الحلم لا يموت، وأن النجاح لا يعرف طريقًا مختصرًا وبرحيله، لا يخسر ليستر سيتي مهاجمًا فقط، بل خسر جزءًا من روحه.
أمس وسط الاف المشجعين داخل ملعب كينج باور حين استضاف ليستر سيتي فريق ابسويتش تاون في الجولة قبل الاخيرة من الدوري الإنجليزي، اجتمعت الدموع في عيون مشجعي ليستر سيتي في مشهد أيقوني مفعم بالمشاعر، بعد ان أعلن جيمي فاردي، مهاجم الفريق التاريخي وأحد أكثر القصص إلهامًا في تاريخ الكرة الإنجليزية، اعتزاله رسميًا بعد ان تمكن من تسجيل هدفه رقم 200 بقميص “الثعالب”.
في لقطة بدت وكأنها مكتوبة بسيناريو درامي بعد الهدف، وقف الجميع يصفقون، فيما ذرف فاردي دموعًا لم يستطع إخفاءها،
بل وتم ايقاف المباراة خصيصاً له لعمل ممر شرفي و هو يتم استبداله في الدقيقه 80 من المباراة.. ليعلن بعدها رسميًا نهاية رحلته مع كرة القدم.
لحظات مؤثرة اختلطت فيها دموع الجماهير بفخر سنوات طويلة من التفاني والتحدي، حيث أسدل الستار على مسيرة أسطورية بدأها من القاع حتى صعد بها إلى القمة.
لم يكن ابدا طريق هذا الولد الأشقر مفروشًا بالورود كما هو حال الكثير من النجوم.. البداية كانت بعمل في مصنع للجبس، وتلقى الرفض من أكاديمية شيفيلد في سن المراهقة.. لكن ذلك لم يكن كافيا لإعلان استسلامه حيث واصل اللعب في دوريات الهواة، متنقلاً بين أندية مغمورة حتى بدأت موهبته تجذب الأنظار وفي عام 2012 جاءت الخطوة الأكثر جنونا في رحلته بعد ان قام ليستر سيتي بخطوة جريئة ، ودفع قرابة مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع فاردي من نادي فليتوود تاون، في صفقة وصفت حينها بالمغامرة، لكن فاردي كان في انتظار تلك الفرصة وجاهز لها طوال حياته وتحوّل من مهاجم مغمور إلى نجم شباك لهذا الفريق الذي لم يكن قبله ابدا من الكبار.
ولان الحياة وايضا كرة القدم احيانا تعطي وجهها الجميل لمحبيها فجاء موسم 2015-2016 ليكون الأعظم في مسيرة اللاعب والنادي، وتتحقق المعجزة بفوز ليستر سيتي بلقب البريميرليج لأول مرة في تاريخه، في قصة ألهمت العالم بأسره بعد ان حقق هذا الفريق الضعيف ببعض المغمورين ذلك الانجاز او بشكل ادق الإعجاز وخطف اللقب من وسط عمالقة الدوري الإنجليزي.
وكان لفاردي دوراً مهماً ومؤثراً في هذه الحدوتة حيث سجل 24 هدفًا في الدوري.
وبعد ذلك ورغم العروض المغرية من كبار الأندية، فضّل فاردي البقاء في ليستر، ليصبح رمزًا للوفاء والانتماء. استمر في هز الشباك عامًا بعد عام، محققًا أرقامًا لافتة، أبرزها حصوله على الحذاء الذهبي لموسم 2019-2020، وأصبح الهداف التاريخي للنادي في البريميرليج.
ولتكون النهاية في وداعيته امس وسط جماهيره لقطة مخلدة في تاريخ ذلك النادي وهذا اللاعب وايضا لكل عاشق للساحرة المستديرة ولكل مقاتل وفي لديه حلم يؤمن بتحقيقه.