أولمبياد طوكيو 2020العاب فردية

صديقي معتز: لماذا تأثر اللاعب الإيطالي واحتضن برشم بهذه الطريقة؟

عمرو فكري

 

لمن لا يعرف القصة، فمعتز عيسى برشم وجانماركو تامبيري صديقان مقربان، والسبب هو دور برشم في انتشال تامبيري من اليأس وإعادته لساحة اللعب من جديد.

“نظرا إلى بعضهما البعض، وكانا بالفعل قد قررا، لن نقفز مجددا، سنتشارك الذهب.”

القصة بالكامل كتبها تامبيري نفسه في 2018، وأترجمها لكن دون تدخل مني تقريبا:

معظم الناس لا يعلمون أننا صديقين مقربين في الوثب العالي. إن طالعت الصور القديمة عندما كسرت كاحلي في 2016، الكل جاء وحاول أن يواسيني. عندما أشاهد الفيديو من ذلك اليوم أشعر بالروعة، أنا منافس لهم ولكني أيضا صديقهم. تم اثبات ذلك في هذا اليوم، ولكن الأمر الأكثر أهمية حدث في اليوم التالي، واليوم الذي يليه، وبعدها بشهر عندما بدأت الاستشفاء وواصل ذلك طوال العام.

عندما عدت أخيرا للتنافس من جديد في 2017 أتذكر بطولتي الكبيرة الأولى في أوسترافا عندما قفزت ب2.20 متر. كنت عادة أعتمد على الجماهير وتحميسها لي، ولكن في هذه البطولة شعرت بأن منافسيّ جزءا من الجمهور، لقد حاولوا حقا أم يدعموني.

كنت أشعر كالطفل الذي ينافس في بطولة للكبار. كالطفل الذي يلعب مع الكبار والكل يخبره كم هو جيد ويعطونه الكرة ويقولون له اذهب اذهب اذهب، وكان هذا أنا، مرروا لي الكرة كل مرة وكنت أشعر أنه مجهود جماعي. لا أستطيع التعبير بالكلمات كم قدرت ذلك وقتها وكم أقدره كثيرا الآن.

مع معتز تحديدا بنيت علاقة عظيمة. ذهبت من أوسترافا لباريس ولعبت بصورة سيئة حقا. لم أستطع أن أقفز قفزتي الأولى. أحبطت للغاية لأنني لم أكن أعلم ما إذا كنت سأستطيع العودة للحالة التي كنت عليها في 2016.

جاء اللاعبون الآخرون للتحدث معي ولكني لم أكن أرغب في التحدث مع أحد وذهبت مباشرة إلى غرفتي، وفي اليوم التالي أتى معتز وبدأ يقرع بابي ولم يرغب في الرحيل. بداية كنت أرغب منه فقط أن يرحل ولكنه أصر وأخذ يصرخ “جيمبو جيمبو، أريد فقط أن أتحدث معك”، ولذا فاستسلمت وأدخلته غرفتي.

تحدث معي، وبكيت أمامه. حاول أن يهدئني وأخبرني بما كان عليه أن يقوله: “لا تتعجل الأمر. تعرضت لإصابة كبيرة وعدت بالفعل الآن للدوري الماسي ولم يكن أحد يتوقع ذلك، ولكن عليك أن تأخذ وقتك كاملا ولا تتوقع الكثير من نفسك مبكرا. فقط انتظر”.

الأمر الأكثر اهمية هو أنه ساعدني أدرك أنني أفعل ذلك لنفسي لا للآخرين.

خلال السنوات الأخيرة حظيت بالكثير من الدعم من الناس. لا أعلم لماذا ولكن الكثيرون ممن كنت أقابلهم في الشارع كانوا يضعون أيديهم على كتفي أو يعانقونني ويخبرونني بأنني سأعود وأنهم يؤمنون بي، ولذا بدأت الموسم وأنا أفكر في أنني أفعل ذلك من أجلهم وليس من أجلي. كنت أضع الكثير من الضغط على نفسي، وشعرت بأنه علي ان أقفز من أجل الناس الذين ساعدونني.

وكان هذا هو ما اخبرني به معتز. أنت لا تقفز من اجلهم، بل من أجلك. قال لي: “أنت تفعل الكثير. أنت تبذل مجهودا كبيرا. تعمل كل يوم طوال العام، وليس أمرا سهلا أن تعود من إصابة كهذه. افعلها فقط من أجل نفسك في الوقت المناسب لك”.

بعد تلك المحادثة في باريس أمسكت بهاتفي وبحثت عن بطولة قريبة بها منافسة في الوثت العالي، ووجدت واحدة في بودابيست. اتصل بمديرها وتوسلت إليه: “أرجوك، دعني أشارك. أعلم أنها بعد غد ولكن عليك أن تشركني”.

أخبرته من أما وقلت له أنني بحاجة إليها وقال لي إنه سيحاول فعل أفضل ما يستطيع لمساعدتي، وأخبرته أنني لا أريد أي شيء في المقابل. لا أريد المال حتى وإن قفزت ل2.40 متر ليس عليك أن تمنحني شيءا. فقط أعطني غرفة ولن اسأل عن شيء آخر.

بحثت في رحلات الطيرات ورتبتها بنفسي وحجزت الطائرة قبل حتى أن يخبرونني بأنني قادر على القدوم وقبل ان اعود للفندق. لم أتحدث مع أحد، فقط ذهبت مباشرة إلى غرفتي.

اتصل بي بعدها وأخبرني بأنني سأشارك، فشكرته وطلبت منه معروفا أخيرا، بألا يخبر احدا وألا يضعه في قائمة المشاركين، وأنهم سيرون في البطولة، فوافق على وضع اسمي 24 ساعة قبل انطلاق المنافسات عندما سيكون عليهم أن ينشروا القائمة.

في اليوم التالي كان من المفترض أن أعود لإيطاليا ولكني لم أذهب. لم يعلم أحد أين أنا، لا صديقتي لا أبي لا أمي لا أصدقاء، لم يعلم أحد. أغلقت هاتفي، ولم أتحدث لأحد لثلاثة أيام.

فقط شخصان تحدثت معهما، مدير البطولة، ومعتز في الغرفة لأنه رفض أن يرحل حتى أدعه يدخل.

ذهبت لبودابيست وقدمت بطولة مذهلة. لم يعلم أحد أنني هناك، لأنني لم أرغب في أن أقفز من أجل أحد. أردت أن أقفز من أجل نفسي. أنا كنت هناك، فقط أنا، أركز وأقفز ل2.28 متر. كانت أفضل مسابقة لي هذا العام حتى وقتها. شيئا بداخلي تغير، وقتها فقط بدأت أعيش مجددا. لقد عدت لاعب وثب عالي من جديد.

_____

انتهت القصة، ولا داعي لأي تعليق مني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى